لا يشمل السوق المتداولون فقط بل الأشخاص العاديين، وكلّ منهم له عقليته الخاصة على حد سواء. فالسوق هو المكان الذي تتزامن فيه عوامل النجاح والفشل والإنسان هو المسؤول عن اتخاذ القرارات المتعلقة بتلك العوامل.
ويُسترشد المتداول حسب رغبته في الحصول على الأصول بسعر معين بناءً على قدراته المالية وقناعاته في ديناميات السوق واستراتيجياته. ويتم تداول الأصول المذكورة في البورصة بدرجة معينة من الربح، فمن غير المجدي الحديث عن الأرباح ذات الارقام الفلكية لهذا النشاط بل عن عامل التجميع، حيث يتم تحقيق بضعة سنتات هنا وبضعة دولارات هناك وبذلك حققنا كمية معينة من الأرباح. ويعتبر الحذر والجرأة من العوامل النفسية الأساسية التي تحدد سلوك المتداولين، لأن معظمهم أدرك منذ فترة طويلة انه بدون مخاطرة، لن تجني شيئاً. وفي نفس الوقت هناك من خاطر وقد خسر الكثير حسبما يظهر بوضوح من قضية جيروم كيرفيل الذي تسبب بخسارة بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي.
ومن ناحية أخرى يعتبر المضارب هو لاعب السوق، حيث الخداع هو سلاحه الأساسي. ولديه هواجس في استخراج الأرباح، توضح عقليته النفسية العازمة على تضخيم أسعار الأصول وبيعها بإقناع المشاركين بقيمتها. ومع ذلك يلعب علم النفس دوره مع المضارب أيضا بإبراز الحقيقة فيما يتعلق بأصوله الخادعة مما يؤدي الى فشله في تحقيق أهدافه.
وتعتبر العواطف هي مفتاح اللعب في التداول، لأنها العامل الوحيد الذي يحرك ويؤثر في سلوك المتداولين. وبغض النظر عن مدى تقدم الذكاء الاصطناعي، يظل الحدس البشري هو أكثر الأدوات التي يعتمدها المتداولون. والحدس مشروط بالخوف. يجب على كل شخص أن يفعله لفهم علاقتهم بالنظر إلى تزامن الأحداث المختلفة في الموقف السياسي المتعلقة بمخططات السوق لفهم مدى خشية المتداولون من غيرهم كجدد. ويُعد انهيار السوق في الفترة الأخيرة بالولايات المتحدة دليلاً واضحاً على مدى تأثير الخوف على أحجام التداول. والخوف من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والشكوك المحيطة بالعلاقات بين الصين والولايات المتحدة والتهديد الذي يلوح في الأفق بالاضطرابات في مناطق مختلفة من العالم والتوتر الذي يشوب الساحة السياسية تلك الأمور أرغمت المتداولون بتوخي أقصى درجات الحذر والبقاء على أدنى استعداد للمخاطرة.
وبينما يخاف المتداولون من حالة عدم اليقين، يخشى المضاربون اليقين. هذا هو السبب في أن الوقت هو جوهر المضاربين. إنهم يخشونه وكما قال شكسبير ” هناك الكثير من الأحداث في رحم الوقت، والتي سيدلى بها على نحو قريب”، لان الوقت والأحداث المتعددة الجارية في ذلك يمكن أن تبرز مختلف الجوانب والمعلومات المحيطة بعامل المضاربة وتخرب إمكاناتها لتضخم الأسعار. ويخشى المضاربون الحقيقة وأي أخبار متعلقة بأنشطتهم التجارية، ولحسن الحظ بالنسبة لهم أنهم يتعاملون مع نوعين من المشاركين في التداول وهم: مستثمرون غير مطلعين بشكل كاف على الأحداث والأخبار وآخرون ليس لديهم رغبة في المخاطرة.
وهناك طرق لمحاربة الخوف، ولكن من الصعب الاستماع إلى ندائها عندما يبدو أن وعد الربح قد ظهر في الأفق. وفي الحقيقة لا يمكن هزيمة الخوف، ولكن يمكن تخفيفه من خلال استخدام طرق لتجنب المخاطر مثل: التأمين أو كفاية رأس المال أو غيرها من أدوات إدارة المخاطر لتخفيف القلق. وعادة يقاوم المتداولون خوفهم بالحدس والبقاء على حذر ومراقبة الاتجاهات السعرية في السوق.
ويعتبر الشك والخوف أفضل أصدقاء وأسوأ أعداء المتداولين والمضاربين. وهذه حقائق يواجهها الناس أثناء عملهم اليومي. والعامل الوحيد الذي يبقى ثابتاً هو أنهم بشر لديهم الكثير من المخاوف والشكوك والمعتقدات.
إن كنت حديثاً في عالم التداول فإن أفضل ما يمكن أن ننصحك به هو استخدام الحساب التجريبي لاختبار هذه المشاعر وإيجاد آليتك الخاصة للتعامل معها.